الجمعة، 1 مارس 2013

الشاهد 10

شاهد الزمن 

مالكها غائب منذ أكثر من 30 عاماً ، لكن لا يعلوها الغبار أو الأتربة ؛ فثمة من يعتني بها كل إشراقة صباح ، صور و أغراض و ذكريات قديمة ، معلومات بخيسة أيضاً ، لا جديد ، كل شيء محدود إلا الألم و بعضاً من الأمل ، تضيف رقماً إلى عمره في ذكرى ميلاده
كل عام ؛ لكنه ما يزال في ناظرها ابنها الشاب الصغير ذي ال 18 ربيعاً حين فقدت آثاره في " الحرب " ، فيما يتقدم بها العمر عاماً بعد عام ، و يلازمها المرض ، كلما مرت بوعكة صحية تحرمها مغادرة الفراش تتحسب ألا تتعافى فلا تسطيع استقباله إن عاد أو رعايته فهو ما يزال في الثامنة عشرة من عمره ، تستفيق من " الوعكة " لتراجع الدوائر الرسيمة في الدولة دون جواب ، كل صباح تقرأ الفاتحة و تدعو له لا أمام شاهد القبر لكن أمام شاهد الزمن ؛ فهي تخشى أن تحرمه الترحم و الدعاء بمرور السنين إن كان في عداد الضحايا القتلى ، ترفض أن تدفن آمالها مع كل جثة مجهولة الهوية تكتشف ليعاود دفنها دون اسم أو نسب ، توفيت الأم و هي تأمل فتاتاً من المعرفة عن مصير ابنها و إن كان خبر فجيعة بمقتله - حال يغدو فيه خبر الفجيعة أملاً - لكنها لم تعرف ، انتهت الحرب و باتت من الذكرى و فعل " الجنرالات " ما خططوا لفعله و قلدوا أوسمة البطولة و الشجاعة ، و كتبت كتب التاريخ ما تريد أن تكتب ، مارة مروراً عابراً على مأساة الأم برقم في خانة من أربع أو خمس خانات أو أكثر لعددٍ لمفقودي الحرب ، قدرته ؛ فهي أيضاً لا تعرف ! .

هناك تعليق واحد:

  1. أعتذر التعليقات مسموحة عبر البريد الالكتروني أو صفحة الفيسبوك فقط

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.